|
|
في ظل الازمة الحضارية التي تعانيها أمتنا في الوقت الراهن تزداد أهمية المحافظة علي لغتنا العربية فهي الحصن الذي يحمي ما نعتزبه من مقومات الهوية والتراث وهي كذلك الرحم المناط بها حفظ النبت الحضاري العربي القادم باذن الله, ومهمة حفظ ورعاية اللغة الفصحي لاتقع فقط علي عاتق المؤسسات التعليمية والاكاديمية بل يجب علي كل منا أن يبذل كل جهد مستطاع وأن يجري لسانه بالصحيح من الكلام العربي علي كل أم عربية أن تحرص أن تكون اللغة العربية الفصحي هي أول ما يتعلمه اطفالها, عليها أن لاتتزرع بادعاء صعوبة اللغة علي السنة اطفالها الصغار, علينا كأباء ان نكون القدوة في بيوتنا وأن يشعر اطفالنا بمدي تقديرنا للغة التي تحمل النص القرآني المحكم. نطالب بهذا بالرغم من الازمات المزمنة والراهنة التي تعانيها اللغة العربية الفصحي وفي مقدمتها ذلك الاهمال الفاحش الذي تعانيه في وسائل الإعلام العربية, وسائل الإعلام العربية لم تكتف بالتخلي عن مهمة ارشاد الجماهير نحو الصحيح من اللغة ونحو تقويم اللسان العربي والارتقاء بمستواه اللغوي, بل راحت وباصرار شديد تبث بينهم الاخطاء, أكثر من ذلك دأبت علي احتقار الكلام العربي السليم وراحت تبجل وتنشر اللهجات العامية تحت ستار الخصوصية الاقليمية, تبدو وكأنها مشتركة في مخطط شرير للقضاء علي لغتنا القومية, وإلا فلتبرر لنا تلك الصورة المنفرة التي تلبسها للغة الفصحي وللمتحدثين بها ففي الأعمال التاريخية, حيث تضطر لاستخدام اللغة الفصحي, تجدها تقدمها لنا في صورة منفرة ومعقدة, وهي اللغة الجذلة ذات الجرس والتنوع, لن نكرر الدعوة إلي أن تهتم وسائل إعلامنا باللغة الفحصي فقد أطلقت هذه الدعوة مرارا وللأسف دون جدوي ولكني أدعو إلي أن تنال فيها نصيبا مساويا لما تنعم به اللغة العامية, أدعو إلي ألاتحارب لمصلحة اللغة العامية أو اللغات الاجنبية ادعو إلي ان نتعامل معها بشرف هل هذا بكثير؟
لكن ماهي الارضية التي تقف عليها اللغة الفصحي بين ظهرانينا؟ وهل يصح القول بأن وسائل الإعلام والقيادات الفكرية والثقافية هي المنوط بها أن تقبل اللغة الفصحي من عقال مشاكلها المزمنة؟ أعتقد أن الأمر اعمق واخطر من هذا بمراحل فالواقع المعاش يقول بأن اللغة التي تستخدمها في الحديث اليومي والتي نتعلمها من أمهاتنا هي اللغة العامية, في هذا لانستطيع أن تستثني طبقة اجتماعية من أخري ولامستوي ثقافي من آخر كلنا نفعل هذا اذن فاللغة الأولي في بلادنا ليست العربية الفحصي بل هي العامية الدارجة, وفي حين يجب علينا تعلم اللغة الفصحي, نتقن اللغة العامية من مجرد العيش في المجتمع العربي, حتي ان لم يكن لدينا أي حظ من التعليم ولعل هذا هو السبب في اهتمام وسائل الإعلام بالعامية فهي اللغة الأكثر انتشارا بيننا قد نفهم هذا ولكن لايمكننا تبرير محاربتها للغة الفصحي, لايسمع أطفالنا عن اللغة الفصحي إلا عند قراءة القرآن الكريم وعند دخولهم مراحل التعليم ونحن كآباء ومثقفين لانستخدم اللغة الفصحي إلا عند القراءة أو الكتابة, أو في بعض المجالس الضيقة وان كنا في هذا نخلطها مع الكثير من العامية, ولايستخدمها المثقفون استخداما سلسا أو طبيعيا مثلما يفعل الاجانب عندما يتحدثون بلغاتهم, ولهذا ترانا نتحدث بانبهار عن أحد كبار الادباء العرب كما لو أنه أتي بما لم يأت به الاوائل, لانه يحرص علي الحديث فالفصحي لو تفوه احدهم بمثل هذا الكلام عن البريطانية الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة أو عن الالماني الذي لايخطيء في الالمانية, ننظر إليه كما ينظر إلي البلهاء, وتجدنا نصاب باجهاد وتلعثم السنتنا اذا طال تحدثنا أو قراءتنا لنص مكتوب بالعربية وعن القراءة حدث ولاحرج, فمن عدم مراعاة لاي من قواعد الاعراب ولا لمخارج الكلمات, إلي اخطاء لغوية فاحشة يقع فيها الكثرون, مما ادي إلي عدم تقدير واستهانة بهذه اللغة الشريفة, في مقابل تقديرنا الشديد واهتمامنا المبالغ فيه احيانا في أن يكون نطقنا للغات الاجنبية سليما لاعتراض لدينا علي هذا لكن لماذا لانعمل الشيء نفسه مع لغتنا العربية؟
واذا كانت اللغة الفصحي قد فقدت ميدان اللغة اليومية لصالح العامية فليس امامها إلا أن تهتم بميدان الكتابة أو تكون أيسر في ألسنة المثقفين اذا قدر لنا ان نخلص قواعد النحو والصرف من الحشو والتعقيد واذا اهتممنا بواقعية تعليم اللغة الفصحي واذا ابتكرنا علامات جديدة للتشكيل تكون في صورة الحروف الابجدية بحيث لايجوز التخلي عنها وتتجاوب مع متطلبات الطباعة الحديثة سنكون قد تخلصنا من العديد من الاسباب التي جعلت اللغة الفحصي صعبة في ألسنة وكتابات المثقفين العرب, وهي خطوة نعتقد انها مهمة جدا, فطبقة المثقفين والمتعلمين العرب هي المنوط بها أن تقدم القدوة اللغوية للطبقات الأخري. |
|
|
|
|
|