 |
من منطلق كوننا صناع حضارات كبري في العصور القديمة والوسيطة وحتي مطلع العصر الحديث, وفي مواجهة موجة التنظير الغربية لصدام الحضارات التي علا صوتها بعد أحداث11 سبتمبر الامريكية, فإن مفكري الامة العربية والاسلامية ومثقفيها وكتابها قد انبروا لتوضيح منطلقات وقيم حضارتنا الإنسانية والرد علي الافتراءات التي روجها اصحاب نظرية الصدام, مؤكدين أهمية وضرورة الحوار بين الحضارات التي ولم اختلفت في ملامحها فقد أرست قيم التقدم الإنساني. وفي هذا السياق يؤكد الاستاذ طارق حجي في مقاله أن القيم التي تصنع التقدم ليست ابنة ثقافة معينة أو حضارة محددة, وإنما هي ثمرة المحصول التراكمي للإنسانية... وفي ضوء هذا يرصد الاستاذ طارق مجموعة من القيم الاساسية مثل تقديس الوقت وانتشار قيم العمل الحديث, وقيم التقدم الاداري وذيوع ثقافة نقد الذات والايمان بعالمية المعرفة.. الخ ويضيف الأستاذ طارق أن مثل تلك القيم وعن طريق وجود كادر بشري يمثلها ويجسدها وينفذها ويعمل علي شيوعها وعن طريق منظومة تعليمية تقوم علي اساس هذه القيم يحدث التقدم في ظل أية ثقافة, وفي ظل اي نموذج حضاري وليس أدل علي هذا من انه خلال قرن واحد من الزمان قد انتقلت تلك القيم من مناخات غربية بحتة الي مناخات غير غربية علي الاطلاق مثل اليابان وعشرات الدول في آسيا وامريكا اللاتينية.
وهنا يؤكد الاستاذ طارق أن مثل تلك القيم تجد تأييدا وتعضيدا من الاسس التي ترتكز عليها خصوصيتنا الثقافية التي لا خوف عليها في مواجهة العولمة الثقافة, بخلاف اصحاب المحصول المتواضع من الخصوصيات الثقافية, ويخص الاستاذ طارق هذه النقطة بتفعيل اكثر في مقال مقبل. ويتطرق د. عبد الرحمن توفيق في مقاله ايضا إلي مسألة قيم الحياة, ويري أن العالم في مجمل تغلب عليه ثقافات وقيم ثلاث تحكم افعاله ومصالحه واهتمامته ودرجة تجانس, أو تباعد اطراف الصراع, والثقافات الثلاث وهي اولا السبب والنتيجة بمعني أنه إذا تمكنت من دراسة أسباب السلوك تمكنت من توقع النتائج مسبقا تماما, والثقافة الثالثة هي ثقافة تعدد الافعال وتعني ثقافات الشعوب التي تقدر الاشياء, وترتب اولوياتها حسب درجة اثارتها وحيويتها لا حسب جداول زمنية مسبقة, والثقافة الثالثة هي ثقافة ردود الافعال, ثم تساءل د. عبد الرحمن في ختام مقاله: كيف نتعامل مع ثقافتنا باعتبارها اصلا وكيف نتخلص من الاقنعة الثقافية التي تفرض علينا قبل أن نفقد القدرة علي التمييز بين الاصل والقناع.
وتتواصل مقالات اليوم حول موضوع قيم التقدم الحضاري باعتبارها قيما إنسانية مشتركة, ويكتب د. عبد العزيز التويجري مؤكدا ان القيم التي يستند اليها الحوار بين الحضارات هي ذاتها قيم الحضارات العربية الاسلامية التي تعايش في ظلها اتباع الديانات السماوية مسلمين ومسيحيين ويهودا الذين اسهموا جميعا كل من موقعه في بناء صرح هذه الحضارة في مراحل من الزمن كان العالم الغربي فيها يعيش خارج دائرة العلم والتقدم والحضارة, ويشير د. عبد العزيز الي مبادرة العالم الاسلامي بتخصيص سنة دولية للحوار بين الحضارات هذا العام. وتصحيحا لصورة الحضارة العربية الاسلامية في عيون وعقول الرأي العام الغربي اوضح السفير إبراهيم يسري اهمية توضيح سماحة ورقي الحضارة العربية الاسلامية, وفي الوقت نفسه يقدم عرضا موجزا لبعض جوانب النظرية الغربية في صراع الحضارات ويرد علي ادعاءات ومزاعم انصارها.
والرد علي ادعاءات ومزاعم مفكري الغرب الذين يرفعون شعار الصدام بين حضارة الغرب والاسلام كدين وحضارة. ومن المانيا يكتب د. عبد الناصر توفيق مؤكدا ما ذهب اليه الاستاد إبراهيم يسري, ومشيرا الي أن مروجي صدام الحضارات لم يفرقوا بين مفهوم الثقافة وخصائص العقيدة, وأنهم اهملوا استخدام كل شروط المنهج العلمي الصحيح في ادعاءاتهم.
موضوعات أخرى |